الاثنين، 17 يناير 2011

تجربتي في فنجان

امسكت بالفنجان الساخن تنتظر لحظات قبل ان تبدأ الارتشاف منه بينما جلست انا على الناحية الاخرى انتظر رد فعل لم تقم هي به.
مرت الدقائق و هي على وضعها تكتفي بالنظر للفنجان بينما خيط البخار الابيض مستمر في التصاعد ليماثل عصبيتي الاخذة في الازدياد...طلقتها , لما هي ليست في احدى حالات الهيستريا المتوقعة من النساء في مثل تلك المواقف. ان قمة حرارة البركان هي انفجار فوهته لكنها هي الان كقمة جبل ثلجي...
اخيرا ارتشفت رشفتها الاولى و كان رد فعلها على طعم المشروب اللاذع وقتيا. قامت من فورها عن الكرسي بطريقة اشبه بمن لا يتحكمون في اطرافهم , قامت و نظرة عينها معلقة بي و صرخت آآآههههههه
لا انكر اني ارتعبت للحظة عليها قامت كمن شرب كوب من السم الزعاف و ما ان اتمت ابتلاع الرشفة الوحيدة حتى هدأت اساريرها من جديد و جلست امامي على كرسي الصالون الوثير.
-          هاتفت والدتي و والدتك...هم على وشك الحضور الان...لم ابلغهم بأمر الطلاق...سيعرفون حين يأتون
لم تجب بل ارتشفت عوضا عنها رشفة جديدة من كوبها و ما ان احتوى فمها السائل حتى قامت من فورها مجددا صارخة ,ذات الصرخة و ان كانت مكتومة تلك المره مذيلة بابتسامة تتشابه و ابتسامة الرضى
-          هل انت بخير... لا يعني طلاقنا بالقطع ان نكره بعضنا او ان نعذب الطفل او ان...
لم اجد ما اتم به جملتي... زوجتي –او قل طليقتي الان- في حالة نكران بالتأكيد او هي مقدمات الانهيار العصبي...بالتأكيد شيء ما ليس بخير... ما يجعلها تصمت حين تسمع الجملة الكليشيه بثالوثها المسرحي المقدس( انت طالق طالق طالق) و عوضا عن الرد تقوم للمطبخ لتحضير هذا المشروب الذي لا ادري كنهه بالتأكيد تلك مقدمات حالة عصبيه
-          هاله... ما بك... انت من جلب ذلك على نفسه...انت تعلمين ان اشياء كثيرة تجمعنا غير الحب...و لكن اذا خنق احدنا هذا الحب...تختفي كل الاشياء الباقية...اقول اني لست المخطيء
من جديد رمقتني بتلك النظرة و ابتسمت قبل ان ترشف رشفتها الثالثة لكنها في تلك المرة لم تصرخ و لم تقم لحظيا بل اخذت في القهقهة المدوية
-          ما هذا الشيء الذي تشربينه... هل جننت
قامت تلك المرة عن موضعها و ناولتني فنجان المشروب الاصفر الباهت
-          سأذهب لحجرتي ...عليك اكمال هذا الفنجان
رفعت الفنجان نحو فمي فصدمتني الرائحة العطرية النفاذة ما يحويه و قبل ان ارشف وجدتها تستدير نحوي قبل الدخول الى حجرتها
-          احمد اتعلم ما الذي ناولتك لتشربه؟
-          سم؟!...قررتي ان تتخلصي من حياتي و حياتك معا
-          لا انه انت...انت على وشك ان تشرب كيانك

قالتها و اختفت في الحجرة و وجدتني ارشف دون ادنى مقاومة او خوف لما يمكن ان يحويه هذا الفنجان السحري الذي يحويني كما تدعي
طعم حامي حاد لاذع ساخن لحد الغليان و ان لم يكن بهذه السخونة فعليا...طعم سكر ذائب متخفي في اعصار من اللذوعة او هي الحرقة دفعتني ان اقوم عن موضعي كما قامت هي و ان تمالكت نفسي كي لا اصرخ مثلها... حين جلست بددأت ادرك ما شربته...كان مشروب الجنزبيل المغلي بلا لبن او اضافة سوى ذرات سكر قليلة... حاولت ان اربط طعم الجنزبيل بي كما فعلت هي فلم استطيع...فارتشفت مجددا
مع رشفتي الثانية و التي اتى الطعم فيها متوقعا تعلمت خبرة ساسميها ما حييت خبرة الجنزبيل... انت تعلم ما ستلاقيه من اعصار الطعم اللاذع و لكنك من قام باختيار المضي قدما لذا انت تتقبل الان الطعم و ان م تكن تستطيع احتماله تماما
ذادت رغبتي في اكتشاف المزيد فقمت بالرشفة الثالثة...عندها تكشف الامر و وجدتني ابتسم كنت على علم تماما بقدوم لذوعة الطعم و سكونه لكني كنت اكثر ادراكا للدفء الذي يبعثه اثر المشروب في اوصالي بعد الابتلاع...ادركت حلاوة السكر لاول مرة لاشعر بالرضى...وجدتني ابتسم و قد فهمت الدرس
ظهرت في النهاية في الرواق خارجة من الحجرة

- انت هو هذا اللاذع اللا محتمل...حين يراك الاخرون من الخارج... من تكرهه في اول الامر...و ما ان تعتاده حتى تبدأ في اكتشاف جمالياته... احمد...انت الثورة التي لا تستمر اكثر من لحظات . تعتقد انها ستزلزل كيانك..لتكتشف في النهاية لكم كانت تجربة مثيرة.
فهمت الرسالة ...فهمتها اكثر مما يجب تقريبا لان والدتها ووالدتي حين اتيتا كنا قد تصافينا و كان الطلاق كان لم يكن...ربما بالفعل انا فنجان من الجنزبيل.

ليست هناك تعليقات: